كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وبه قال الحسن، وعطاء، والأوزاعي، والشافعي، وابن المنذر. انتهى محل الغرض منه.
وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية: اختلفوا كم أيام النحر. فقال مالك: ثلاثة، يوم النحر ويومان بعده، وبه قال أبو حنيفة، والثوري، وأحمد بن حنبل. وروي ذلك عن أبي هريرة، وأنس بن مالك، من غير اختلاف عنهما.
وقال الشافعي: أربعة أيام، يوم النحر، وثلاثة بعده، وبه قال الأوزاعي، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه، وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم. وروى عنهم أيضًا مثل قول مالك وأحمد. اهـ. محل الغرض منه.
وقال أيضًا: قال أبو عمر بن عبد البر: أجمع العلماء على أن يوم النحر: يوم أضحى. وأجمعوا على ألا أضحى بعد انسلاخ ذي الحجة، ولا يصح عندي في هذه إلا قولان:
أحدهما: قول مالك والكوفيين.
والآخر: قول الشافعي، والشاميين، وهذان القولان مرويان عن الصحابة، فلا معنى للاشتغال بما خالفهما، لأن ما خالفهما لا أصل له في السنة، ولا في قول الصحابة، وما خرج عن هذين فمتروك لهما. اهـ.
وقال النووي في شرح المهذب: في وقت ذبح الهدي طريقان: أصحهما وبه قطع العراقيون وغيرهم: أنه يختص بيوم النحر وأيام التشريق، والثاني: فيه وجهان أصحهما: هذا، والثاني: لا يختص بزمان كدماء الجبران. فعلى الصحيح لو أخر الذبح، حتى مضت هذه الأيام، فإن كان الهدي واجبًا: لزمه ذبحه، ويكون قضاء، وإن كان تطوعًا فقد فات الهدي.
قال الشافعي والأصحاب: فإن ذبحه كان شاة لحم لا نسكًا. اهـ. محل الغرض منه.
وذكر النووي عن الرافعي: أنه في بعض المواضع من كتابه في باب صفة الحج، جزم بأنه لا يختص بيوم النحر، وأيام التشريق، وأنه ذكر المسألة على الصواب في باب الهدي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: القول بعدم الاختصاص بيوم النحر ويومين أو ثلاثة بعده ظاهر البطلان، لأن عدم الاختصاص يجعل زمن النحر مطلقًا، ليس مقيدًا بزمان، وهذا يرده صريح قوله: {وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُوماتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام} فجعل ظرفه أيامًا معلومات يرد الإطلاق في الزمن ردًا لا ينبغي أن يختلف فيه كما ترى.
وقال النووي أيضًا في شرح المهذب: اتفق العلماء على أن الأيام المعدودات هي: أيام التشريق، وهي ثلاثة بعد يوم النحر. اهـ.
ولا وجه للخلاف في ذلك، مع أنه يدل عليه قوله تعالى متصلًا به: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] الآية، والمراد بذلك: أيام الرمي التي هي أيام التشريق كما ترى، ثم قال النووي: وأما الأيام المعلومات فمذهبنا: أنها العشر الأوائل من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر.
انتهى محل الغرض منه. وعزا ابن كثير هذا القول لابن عباس قال: وعلقه عنه البخاري بصيغة الجزم، ونقله ابن كثير أيضًا عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد، وقتادة، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، والضحاك، وعطاء الخراساني، وإبراهيم النخعي، قال: وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد بن حنبل، ثم شرع يذكر الأحاديث الدالة على فضل الأيام العشرة الأول من ذي الحجة.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: تفسير الأيام المعلومات في آية الحج هذه: بأنها العشر الأول من ذي الحجة إلى آخر يوم النحر، لا شك في عدم صحته، وإن قال به من أجلاء العلماء، وبعض أجلاء الصحابة من ذكرنا.
والدليل الواضح على بطلانه أن الله بين أنها أيام النحر بقوله: {وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُوماتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام} وهو ذكره بالتسمية عليها عند ذبحها تقربًا إليه كما لا يخفى، والقول: بأنها العشرة المذكورة، يقتضي أن تكون العشرة كلها أيام نحر، وأنه لا نحر بعدها، وكلا الأمرين باطل كما ترى، لأن النحر في التسعة التي قبل يوم النحر لا يجوز والنحر في اليومين، بعده جائز. وكذلك الثالث عند من ذكرنا، فبطلان هذا القول واضح كما ترى. ثم قال النووي متصلًا بكلامه الأول، وقال مالك: هي ثلاثة أيام: يوم النحر، ويومان بعده فالحادي عشر، والثاني عشر عنده من المعلومات، والمعدودات.
وقال أبو حنيفة المعلومات: ثلاثة أيام: يوم عرفة والنحر والحادي عشر. وقال على رضي الله عنه: المعلومات أربعة: يوم عرفة والنحر ويومان بعده.
وفائدة الخلاف: أن عندنا يجوز ذبح الهدايا والضحايا في أيام التشريق كلها، وعند مالك، لا يجوز في اليوم الثالث. هذا كلام صاحب البيان انتهى من النووي. وقد سكت على كلام صاحب البيان: وهو باطل بطلانًا واضحًا، لأن القول بأن الأيام المعلومات هي العشرة الأول، لا يدل على جواز الذبح فيما بعد يوم النحر لأنه آخرها، وقد يدل على جواز الذبح قبل يوم النحر في جميع التسعة الأول، لأن القران دل على أن الأيام المعلومات، هي ظرف الذبح كما بينا مرارًا فإن كانت هي العشرة كانت العشرة هي ظرف الذبح. فلا يجوز فيما قبلها ولا ما بعدها، ولَكِنه يجوز في جميعها، وبطلان هذا واضح كما ترى، ثم قال النووي متصلًا بكلامه السابق.
وقال العبدري: فائدة وصفه بأنه معلوم جواز النحر فيه، وفائدة وصفه بأنه معدود انقطاع الرمي فيه.
وقال: وبمذهبنا قال أحمد، وداود، وقال الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره: قال أكثر المفسرين الأيام المعلومات: هي عشر ذي الحجة. قال: وإنما قيل لها معلومات للحرص على علمها من أجل أن وقت الحج في آخرها.
قال: وقال مقاتل: المعلومات أيام التشريق. وقال محمد بن كعب: المعلومات والمعدودات واحد.
قلت: وكذا نقل القاضي أبو الطيب والعبدري، وخلائق إجماع العلماء على أن المعدودات: هي أيام التشريق. وأما ما نقله صاحب البيان عن ابن عباس فخلاف المشهور عنه.
فالصحيح المعروف عن ابن عباس: أن المعلومات: أيام العشر كلها كمذهبنا، وهو مما احتج به أصحابنا، كما سأذكره قريبًا إن شاء الله. واحتج لأبي حنيفة، ومالك بأن الله تعالى قال: {لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُوماتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام} وأراد بذكر اسم الله في الأيام المعلومات: تسمية الله تعالى على الذبح، فينبغي أن يكون ذكر اسم الله تعالى في جميع المعلومات، وعلى قول الشافعي: لا يكون ذلك إلا في يوم واحد منها، وهو يوم النحر. واحتج أصحابنا بما رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس: قال: الأيام المعلومات: أيام العشر، والمعدودات: أيام التشريق. رواه البيهقي بإسناد صحيح.
واستدلوا أيضًا بما استدل به المزني في مختصره: وهو أن اختلاف الأسماء، يدل على اختلاف المسميات، فلما خولف بين المعدودات والمعلومات في الاسم دل على اختلافهما، وعلى ما يقول المخالفون يتداخلان في بعض الأيام، والجواب عن الآية من وجهين:
أحدهما: جواب المزني: أنه لا يلزم من سياق الآية: وجود الذبح في الأيام المعلومات، بل يكفي وجوده في آخرها وهو يوم النحر.
قال المزني والأصحاب: ونظيره قوله تعالى: {وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 16] وليس هو نورًا في جميعها، بل في بعضها.
الثاني: أن المراد بالذكر في الآية الذكر على الهدايا، ونحن نستحب لمن رأى هديا أو شيئًا من بهيمة الأنعام في العشر أن يكبر، والله أعلم. انتهى كلام النووي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن مذهب الشافعية في الأيام المعلومات، خلاف الصواب، وإن قال به من قال من أجلاء العلماء، وأن الأجوبة التي أجابوا بها عن الاعتراضات الواردة عليه، لا ينهض شيء منها لما قدمنا من أن الله بين في كتابه، أن الأيام المعلومات هي ظرف الذبح والنحر، فتفسيرها بأنها العشرة الأول، يلزمه جواز الذبح في جميعها، وعدم جوازه بعد غروب شمس اليوم العاشر، وهذا كله باطل كما ترى.
وزعم المزني رحمه الله: أن الآية كقوله: {وَجَعَلَ القمر فِيهِنَّ نُورًا} ظاهر السقوط، لأن كون القمر كوكبًا واحدًا والسماوات سبعًا طباقًا قرينة دالة على أنه في واحدة منها دون الست الأخرى.
وأما قوله تعالى: {وَيَذْكُرُواْ اسم الله في أَيَّامٍ مَّعْلُوماتٍ على مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الأنعام} فظاهره المتبادر منه أن جميع الأيام المعلومات ظرف لذكر الله على الذبائح، وليس هنا قرينة تخصصه ببعضها دون بعض. فلا يجوز التخصيص ببعضها، إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وليس موجودًا هنا وتفسيرهم ذكر اسم الله عليها، بأن معناه: أن من رأى هديا أو شيئًا من بهيمة الأنعام في العشر استحب له أن يكبر، وأن ذلك التكبير هو ذكر الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ظاهر السقوط كما ترى، لأنه مخالف لتفسير عامة المفسرين للآية الكريمة، والتحقيق في تفسيرها ما هو مشهور عند عامة أهل التفسير، وهو ذكر اسم الله عليها عند التذكية، كما دل عليه قوله بعده مقترنًا به {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ البائس الفقير} الآية.
وقوله: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] الآية. وقوله: {وما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَا ذُكِرَ اسم الله عَلَيْهِ} [الأنعام: 119] الآية وتداخل الأيام لا يمنع من مغايرتها، لأن الأعمين من وجه متغايران إجماعًا مع تداخلهما في بعض الصور.
ومما يبطل القول بأن الأيام المعلومات هي العشرة المذكورة أن كونها العشرة المذكورة يستلزم عدم جواز الذبح بعد غروب شمس اليوم العاشر، وهو خلاف الواقع لجواز الذبح في الحادي عشر والثاني عشر، بل والثالث عشر عند الشافعية. والتحقيق إن شاء الله في هذه المسألة: أن الأيام المعدودات: هي أيام التشريق التي هي أيام رمي الجمرات. وحكى عليه غير واحد الإجماع، ويدل عليه قوله تعالى متصلًا به {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] الآية، وأن الأيام المعلومات: هي: أيام النحر، فيدخل فيها يوم النحر واليومان بعده، والخلاف في الثالث عشر، هل هو منها كما مر تفصيله، وقد رجح بعض أهل العلم أن الثالث عشر منها. ورجح بعضهم: أنه ليس منها.
وقد قال ابن قدامة في المغني في ترجيح القول بأنه ليس منها: ما نصه: ولنا «أن النَّبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل من النسك، فوق ثلاث» وغير جائز أن يكون الذبح مشروعًا في وقت يحرم فيه الأكل، ثم نسخ تحريم الأكل، وبقي وقت الذبح بحاله، ولأن اليوم الرابع: لا يجب فيه الرمي، فلم يجز فيه الذبح كالذي بعده.
ومما رجح به بعضهم أن اليوم الرابع منها: أنه يؤدي فيه بعض المناسك: وهو الرمي، إذا لم يتعجل فهو كسابقيه من أيام التشريق، والعلم عند الله تعالى.
ومما يوضح أن الأيام المعلومات، هي: أيام النحر، سواء قلنا إنها ثلاثة، أو أربعة: أن الله نص على أنها هي التي يذكر فيها اسم الله: أي عند التذكية، على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، كما قدمنا إيضاحه.
وإذا عرفت كلام أهل العلم في الأيام المعلومات، التي هي زمن الذبح.
فاعلم: أن العلماء اختلفوا في ليالها، هل يجوز فيها الذبح؟ فذهب مالك، وأصحابه: إلى أنه لا يجوز ذبح النسك ليلًا، فإن ذبحه ليلًا لم يجز، وتصير شاة لحم لا نسك، وهو رواية عن أحمد، وهي ظاهر كلام الخرقي.
وذهب الشافعي، وأصحابه: إلى جواز الذبح ليلًا قال النووي: وبه قال أبو حنيفة، وإسحاق، وأبو ثور والجمهور وهو الأصح عن أحمد.
وحجة من قال لا يجوز الذبح ليلًا: أن الله خصصه بلفظ الأيام في قوله: {في أَيَّامٍ مَّعْلُوماتٍ} قالوا: وذكر اليوم يدل على أن الليل ليس كذلك.
وحجة من أجازه: أن الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي، وتخصيصه بالأيام أحوط، لمطابقة لفظ القران والعلم عند الله تعالى.
وإذا علمت وقت نحر الهدي وأن الهدي نوعان: واجب، وغير واجب، وهو هدي التطوع، فهذه تفاصيل أحكام كل منهما.
أما الهدي الواجب فهو بالتقسيم الأول نوعان.
أحدهما: هدي واجب بالنذر، وسيأتي الكلام عليه، إن شاء الله في الكلام على قوله تعالى: {وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ} [الحج: 29]. وهدي واجب بغير النذر، وهو أيضًا ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: الهدي المنصوص عليه.
والثاني: الهدي المسكوت عنه، ولَكِن العلماء قاسوه على الهدي المنصوص عليه.
أما المنصوص عليه فهو أربعة أقسام:
الأول: هدي التمتع، ويدخل فيه القران، لأن الصحابة رضي الله عنهم جاء عنهم التصريح، بأن اسم التمتع في الآية، صادق بالقران، كما قدمناه واضحًا عن ابن عمر، وعمران بن حصين، وغيرهما، والصحابة هم أعلم الناس بلغة العرب وبدلالة القران.
وهدي التمتع المذكور منصوص في قوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196].
الثاني: دم الإحصار المنصوص عليه في قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196].
الثالث: دم جزاء الصيد المنصوص عليه بقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النعم يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هديا بَالِغَ الكعبة} [المائدة: 95] الآية.
الرابع: دم فدية الأذى المذكور في قوله: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، وهذه الدماء الأربعة اثنان منها على التخيير، وهما: دم الفدية في قوله: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} كما قدمنا إيضاحه.
والثاني: جزاء اصيد فهو على التخيير أيضًا كما قدمنا إيضاحه مستوفى في الكلام على قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هديا بَالِغَ الكعبة أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذلك صِيَامًا} [المائدة: 95] الآية.
وقد أوضحنا الكلام على التخيير فيهما غاية الإيضاح بما أغنى عن إعادته هنا، وواحد من الدماء الأربعة المذكورة على الترتيب إجماعًا، وهو دم التمتع الشامل للقرأن، لأن الله بين أنه على الترتيب بقوله: {فَمَن تَمَتَّعَ بالعمرة إِلَى الحج فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196] ثم قال مبينًا الترتيب: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحج وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196].
والرابع: من الدماء المذكورة اختلف فيه فمن قال: له بدل عند العجز عنه قال: هو على الترتيب، ومن قال: لا بدل له فالأمر على قوله واضح، لأنه ليس هناك تعدد، يقتضي الترتيب أو عدمه، وهذا القسم هو دم الإحصار وقد قدمنا الكلام عليه مستوفى في سورة البقرة في الكلام على قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: 196] الآية.
والحاصل: أن ثلاثة من الدماء الأربعة المذكورة، قد قدمنا الكلام على كل واحد منها، بغاية الإيضاح، والاستيفاء فدم الفدية قدمناه في مبحث آية الحج التي هي: {وَأَذِّن فِي الناس بالحج} [الحج: 27] الآية. في جملة مسائل الحج، التي ذكرنا في الكلام عليها.
ودم جزاء الصيد قد قدمنا الكلام عليه مستوفى في المائدة في الكلام على قوله تعالى: {هديا بَالِغَ الكعبة أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذلك صِيَامًا} [المائدة: 95] الآية.